Ayoub sarghini Admin
الدولة :
عدد المساهمات : 108 تاريخ التسجيل : 28/01/2012 العمر : 30 الموقع : https://www.facebook.com/sarghini2
| موضوع: ♥ღ حوار ما بعد منتصف الليل ... ღ♥ ............بــــقــلــمــي السبت فبراير 04, 2012 7:01 pm | |
| دخل إلى البيت مسرعا، كان الوقت حينها متأخرا وبوادر الفجر تلوح في الأفق...أقفل الباب بإحكام ، ولكن دون أن يصدر أي صوت ، لكي لا يزعج منام الأطفال والزوجة ...مشى بخطوات مسرعة نحو المطبخ ، الذي يجاور غرفة النوم ، لقد إستبد به الجوع ، وكادت معدته تنفجر من شدة الألم ...فتح أبواب الثلاجة فلم يجد ما يأكله ...أقفل باب الثلاجة ..وإستدار يمينا ويسارا ...دون جدوى ، لقد كان المطبخ يعاني جفافا مدقعا..لكنه في تلك اللحظة ، تذكر قطعة طماطم ...كانت لاتزال موجودة في أحد الأكياس البلاستيكية ...التي دأب على إحضارها للمنزل ...إلتهم القطعة دون طائل ،الجوع هو الجوع ...ولا يصلح دواء له سوى وجبة دسمة عريسها دجاج أو سمك أولحم ... بدأت مخيلته تجول بين أصناف الطعام ...وتخشعت أساريره...وأغمض عيناه لبرهة ...فثقل كتفه ...إستدار ليجد زوجته الحبيبة تربث على كتفه ...بوخزات حادة..وبصوت غاضب قالت له عدت يا سيد الرجال ، إبتسم إبتسامة صفراء تنم على عدم قبوله مثل هاته الكلمات التي هي إحتقار لرجولته ،وإنتهاك صريح لكرامته ...فأجابها وهو مبتسم الثغر، لقد عدت حبيبتي ...نظرت إليه جيدا وقالت : أريد مصروف البيت ، أطفالنا يحتاجون الكثير ..,أنت لم تفي بوعدك لي في الأيام الماضية ...نعم حبيبتي كما تعلمين سوق الشغل أصبح قليلا...ولسنا وحدنا من يعاني، كل الجيران وكل من بالحي بل أهل المدينة كلهم يعانون..قلة ذات البين...فقالت لا يهمني حبيبي نحن لنا أطفال وجب أن نوفر لهم بعض الضروريات... حينها ساد صمت رهيب داخل حجرة المطبخ...ونظرات الزوجين تكاد تخترق قلوبهما الناقمة..وكل منهما يتمتم بكلمات غالبا هي سخط على إخياراته....
وبعد لحظات من هذا الصمت الرهيب دارت محادثة أخرى كانت بدايتها من الزوج ...
الزوج : ألم تلاحظي حبيبتي أن هذا الكلام الآن مضيعة للوقت والسبيل الوحيد هو إكمالنا هذا الحديث غدا .
الزوجة : لا يمكنني تأجيل هذا الموضوع ...أطفالنا يموتون جوعا وأنت تضيع وقتك بالتسكع مع أصحابك الأغبياء....
الزوج: أصحابي ليسوا أغبياء حبيبتي من فضلك شيء من الإحترام.
الزوجة : أي إحترام تطلبه مني وأنت لاتستطيع تلبية مآرب البيت وحتى أجرة المنزل لاتسددها في موعدها...
الزوج : أية أجرة وأي بيت ، أنسيتي أننا إستولينا على هذا المكان من ذلك الشيخ العجوز، الذي طردناه إلى الشارع في تلك الليلة الباردة ..
الزوجة : لا يهمني هذا الكلام ،ولا أريد سماعه لقد مللت منه.
الزوج: مقاطعا وهو يبتسم يبدو أنك نسيتي طباع جنسنا ...
الزوجة: أنت دائما تتحجج بطباع جنسنا ، وتنسى ظروفنا..غيرك يستطيع توفير أفضل المساكن لزوجته وعياله..وأنت تعيش في بيت متهالك
الزوج : هاته إمكانياتي...ولا أستطيع القيام بالكثير.
الزوجة : يالك من زوج متخاذل لولا أبي...
الزوج : أفهم أفهم لولا أباك لمتنا من الجوع..
الزوجة: لولا أبي لمتنا من الجوع ، ولولا تلك الإعالة التي يرسلها لنا لكنا في عداد الأموات.
الزوج : أنت دائما تحطين من قدري ومن رجولتي ...
الزوجة : نعم لأنك لا تستطيع فعل شيء واحد يفرحني...كنت أتمنى أن تكون مثل والدي أو أخي ، لكنك خيبت ظني فيك...
الزوج : لا يجب أن أكون مثل أباك لص المخازن وأخاك لص الحقول..
الزوجة : إلتزم حدودك، أبي و أخي أشرف منك ألف مرة ...والدي يتصرف في ثروته..وأخي يعمل في أحد حقولنا..
الزوج : ههههه الإستيلاء على ممتلكات وأموال الغير أصبح هو الشرف بالنسبة لك...
الزوجة : لا تجبرني الحديث عن عائلتك المنكوبة ...
الزوج : الآن وصلنا إلى عائلتي ...وما بها عائلتي ؟؟؟
الزوجة : لا شيء سوى أن معظمها يشتغل في المختبرات الطبية ..
الزوج : مقاطعا وهل المختبرات الطبية عيب أو حرام ...عائلتي أذكياء..وتحصيلهم العلمي من أجبر الشركات على تعيينهم في المختبرات الطبية.
الزوجة : سلامات على التحصيل العلمي ...أفراد عائلتك عملهم هناك لا يعدو أن يكون من أجل حفنة من المكسرات
لأنهم من ذلكم الأقوام التي تبيع نفسها من أجل ما يسمى بالتجارب العلمية ...
الزوج: عدنا مرة أخرى لتمييع عمل أقاربي...هم على الأقل شرفاء ...ويعملون ..أما عائلتك فهم مجموعة من اللصوص والمتطفلين..
الزوجة : تبا لك ولعائلتك ...المنبطحة ..
الزوج مقاطعا : إصمتي أيتها المرأة ...وإلا كان لي حديث أخر معك...
الزوجة: عموما لاحديث يجمعني معك الآن ...أنا راحلة إلى بيت والدي ومعي أطفالي ..وإبقى أنت وحدك هنا ...تنعم في هذا الخير الكبير *بنبرة فيها الكثير من الإستهزاء..*
وهي تضيف أنثى من عائلة أرستقراطية مثلي تعيش هنا مع شخص عديم المسؤولية ...
الزوج: أنا من أسأت الإختيار من البداية ...إبنة عمي أولى بي
الزوجة : لقد خل لك المكان إسحبها إلى هنا وتزوج بها ، إن كان هذا يريحك...
الزوج: بحق شواربي أنا أحبك كثيرا لا ترحلي حبيبتي...
الزوجة : شواربك أتسمي تلك الشعيرات شوارب ..على العموم أنا لي شوارب أيضا ، ولست فخورة بها كما تفعل أنت أيها المغرور ..
الزوج : معك حق لكن لا تغادري البيت ...فلا حياة لي بدونك وبدون الأولاد.
الزوجة مقاطعة : الأولاد....ومتى كانت أخر مرة رأيتهم فيها ؟؟؟
الزوج : عملي الليلي يتطلب مني الكثير من الوقت لهذا ...أجد صعوبة في ذلك .
الزوجة : عدنا لسيرة العمل ...وهل أنت تعمل الآن ...أيها العاطل
الزوج ..أليس بحثي عن العمل هو عمل أيضا ...
الزوجة : إنتهى الكلام بيني وبينك ...مع السلامة...أيها العاطل العامل .
تخرج الزوجة ومعها أطفالها الذين مازالو يشعرون بنعاس شديد ...وهي تجدبهم جدبا نحو الباب...تقفل الباب بقوة ...فينخلع قلب الزوج ...ويبقى وحيدا ...في صراع مع قلبه وضميره
وبعد مرور سويعات ...يستنتج أن هناك حل لكي تعود الزوجة إلى البيت ...إن لم يكن هناك عمل في الليل ..فبالأحرى هناك عمل في النهار...لكن ماذا يفعل في النهار..وهو الذي تعود منذ الطفولة أن يشتغل ليلا ...
فكر قليلا...وعاد يحملق بين جدران البيت ...كانت نسمات الصباح تطفي خيوطها على أركان البيت ....فالساعة الثامنة صباحا الآن...
لقد قرر الزوج الخروج هذا الصباح للبحث عن العمل ...أمطر وجهه المثلث ببعض القطرات من الماء...تنفس بشدة ...وخرج مسرعا إلى الشارع ...كان المنظر غريبا عليه ..فهو لم يشاهد النهار ...ولا أناس النهار...ولازوار النهار...أخد يسير وهو يلتصق بجنبات الجدران...كأنه يخشى شيئا ما ...ومع ذلك أصر على السير ...لكي ينال المبتغى ..ومن أجل صغاره وزوجته سيفعل المستحيل هذا اليوم ...أخد يمشي ويمشي ...حتى إستوقفته رائحة جميلة ...كانت تنبعث من أحد المطاعم الصغيرة ...كانت رائحة الشاورما تزكم الأنوف ...لم يستطع تجاهل هاته الرائحة فالجوع كافر ..فوقب على عتبات المطعم ...وأخد ينظر إلى قطعة الشورما وهي تتلوى على لهيب النار كأنها راقصة ترقص على أحلى لحن مسموع ...كانت نظرات الحاضرين في المطعم غريبة جدا ...لم يستغرب الأمر في البداية ...لكنه عاد وتلفت إليهم وقال بصوت مرتفع ....أنا فقط جئت من أجل الشاورما ...سأخد قطعة منها ...وأرحل ....كانت كلماته غير مفهومة ...بالنسبة لهؤلاء..وقد شعر فعلا بذلك ...ولم يعرهم أي إهتمام ...تقدم رويدا رويدا نحو الشاورما ...فهو زبون ومن حقه أن يقتني ما يشاء...
وصل إلى قطعة الشاورما المحمرة...وسال لعابه حولها ... وبينما هو على ذلكم الحال ...هوت على أم رأسه قذيفة ...أردته قتيلا ...صاح صاحب المطعم ...بفرح شديد قتلته قتلته...بينما أغلب الحاضرين لم يعر كبير الإهتمام لهاته الجريمة الشنعاء...فأغلبهم يعلم أن صاحب المطعم متمرس في قتل هذا النوع من الزبائن ...بدى القتيل مستلقيا على الرصيف ..ولا أحد يهتم لحاله ...كانت الدماء تغرق المكان ...ومرت سيارة الشرطة ولم تعر للضحية بدورها أي إهتمام ..اللهم تلك النظرة الإحتقارية التي أطلقها شرطي وهو يخرج يده من سيارة الشرطة ...تلك النظرة كانت موجهة للضحية وليست للقاتل ...بعد هنيهة ...رأف لحاله أحد العمال الذين يشتغلون في المطعم ...ولفه في قطعة بلاستيكية ...وقام بسحبه نحو أقرب مكب للنفايات ..ورمى جتثه هناك ...
ولم ينتبه العالم لموته ، ولم يقم له بيت للعزاء...ولم يهتم أحد لإعلان ولو دقيقة واحدة للحداد...
عاش فقيرا ومات مغذورا ...
ولكن للأمانة فقد فرحت أنا كذلك بموته ...لقد أراحنا صاحب المطعم من شره ...فهو وإن بدى في القصة خلوقا لكنه مجرم بطبعه ...شرير بفصيلته...مقيت بتطفله ...مكروه بأمراضه ...لم يكن ضحية هاته القصة سوى فــــــــأر...لا يصلح معه سوى تلك المكنسة اليدوية التي هوى بها صاحب المطعم فأجبره على فراق الحياة بقلمي"الطائر الحزين" | |
|